المساحة للتنفس

16-يوليو-2025

11:05 صباحًا

من إعداد فريق bazaar

حين تدخل الدكتورة عبير العلي إلى الغرفة، يسبقها حضور مطمئن وابتسامة هادئة كفيلة بتهدئة قلق الأهل. فهي من أبرز جراحين الأنف والأذن والحنجرة المتخصصين في طب الأطفال، وجراحات المجاري التنفسية، والتشوهات الخلقية للأذن. عملها دقيق، حساس، ويحمل أثرًا كبيرًا في حياة الأطفال وعائلاتهم.

لكن إن سألتها عن سبب اختيارها للطب، فلن تجيبك بالإجابة المعتادة: “لأني أردت أن أساعد الناس”. بل تقول ضاحكة: “بصراحة، اخترت الطب لأنه مجال مرموق، وكنت أبحث عن شيء مهم أفعله في حياتي. شعرت أنه الخيار الأفضل.” وتتابع: ” ومع مرور الوقت، ومع كل يوم قضيتُه في المستشفى، بدأت أشعر بقيمة ما أقوم به، ووقعت في حب العمل نفسه.”

مسيرتها نحو تخصص الأنف والأذن والحنجرة لم تكن مخططًا لها كذلك. تقول: “وقتها أصبحت أماً للمرة الأولى، وأردت أن أمارس مهنة الجراحة، لكن دون الإرهاق الكبير الذي يصاحب الجراحة العامة.” فنصحتها إحدى الصديقات بهذا التخصص، قائلة إنه “تخصص جراحي، لكن أقل جنونًا!”، فتقول ضاحكة: “جرّبته، والغريب أنه فعلاً فيه بعض الجنون، لكني أحببته!”


مع مرور الوقت، وجدت الدكتورة عبير نفسها تنجذب إلى طب الأنف والأذن والحنجرة للأطفال، ليس فقط لأنه تخصص دقيق، بل لأنه يلبي فجوة كبيرة في النظام الصحي في الكويت. تقول: ” كان عدد الأطباء المتخصصين في هذا المجال قليل جدًا. وقلت لنفسي: هذه فرصة حقيقية لخدمة بلدي.” وبالفعل، فإن عملها يُحدث فرقًا واضحًا — من إجراء جراحات إنقاذ حياة لحديثي الولادة، إلى معالجة تشوهات الأذن الخلقية، أيامها مليئة باللحظات الاستثنائية. تقول: “لا يوجد شعور يضاهيه — أن تريح طفلًا صغيرًا من الألم، وتطمئن والديه. أن تساعد طفلًا على التنفس مجددًا دون جهاز تنفس، أو أن يسمع لأول مرة. هذا شعور لا يُوصف.”

بعض القصص تبقى عالقة في الذاكرة. فليست كل الحالات قابلة للعلاج، لكن الدكتورة عبير ترى أن دورها لا يتوقف عند حدود الجراحة، بل يتجاوزها إلى أن تكون سندًا وداعمًا.تقول: “عالجت أطفالًا يعانون من حالات مزمنة، يعيشون بأنابيب تنفس أو تغذية. لا أملك دائمًا القدرة على إصلاح كل شيء، لكن يمكنني أن أكون إلى جانب الأهل، أطمئنهم، وأؤكد لهم أن الرعاية التي يتلقونها في الكويت تضاهي تلك التي قد يحصلون عليها في الخارج.”

هذا التعاطف العميق لا ينبع فقط من خبرتها كطبيبة، بل من تجربتها كأم. “أنا أم، وبعض الحالات تلامسني بعمق. أحيانًا أبكي بعد العمليات، خصوصًا إذا كانت الحالة معقدة أو النتيجة مؤلمة. لكني دائمًا أتذكر نصيحة والدتي: خذي الألم وخلّيه دافعًا لشيء أفضل. وهذا ما أفعله.”

وعن موازنة الجانب العاطفي في عملها، تقول ضاحكة: “فقدت التوازن تمامًا! لكن أحاول أمارس الرياضة كلما استطعت، وأحيط نفسي بأشخاص أحبهم. وأحيانًا، أحتاج فقط لبعض الوقت أعتني فيه بنفسي لأشعر أن الأمور ستسير على ما يرام.”

توضح أن تخصصها في طب الأنف والأذن والحنجرة للأطفال لا يقتصر على اللوزتين أو التهابات الأذن، بل يشمل مجمل المجرى التنفسي من الأنف وحتى القصبة الهوائية. “أحيانًا يولد الأطفال بتشوهات خلقية تمنعهم من التنفس، أو يصابون بعدوى شديدة تؤدي إلى تندب في المجرى التنفسي بعد فترة من التنفس الصناعي. نتعامل مع هذه الحالات إما بتوسيع بسيط باستخدام البالون، أو بجراحات ترميمية معقدة.”

تروي واحدة من أصعب الحالات: ولادة طفل بورم كبير في الرقبة يعيق التنفس. “كان لا بد من تأمين مجرى التنفس قبل إتمام الولادة. أجرينا ما يُعرف بعملية EXIT . كانت تجربة مرهقة، لكنها أنقذت حياته.”

كما أن جزءًا كبيرًا من عملها يشمل زراعة القوقعة للأطفال الذين وُلدوا وهم فاقدين حاسة السمع. “أن ترى طفلًا يسمع للمرة الأولى، ثم ينطلق في حياته، ينجح في المدرسة، ويكوّن صداقات… هذه لحظات لا تُقدّر بثمن.”

وتتحدث عن تشوهات الأذن، فتوضح أن الحالات تختلف من بسيطة إلى شديدة. “الحالات المعقدة مثل الميكروتيا تحتاج إلى عمليات متكررة باستخدام غضروف من القفص الصدري، أو باستخدام حلول صناعية حديثة. أما الحالات الخفيفة، فيمكن علاجها دون جراحة إذا شُخّصت خلال أول ثلاثة أشهر بعد الولادة باستخدام أجهزة مثل .” EarWell

وتضيف بأسف: “حتى التشوهات البسيطة قد تسبب ألمًا نفسيًا للطفل. رأيت أطفالًا يتعرضون للتنمر في المدرسة بسبب شكل آذانهم. لم أتوقع أن أرى هذا في الكويت، لكنه يحدث. لحسن الحظ، صار لدينا حلول فعالة.”

وتعدد العلامات التي تستدعي انتباه الأهل: “الشخير أو توقف النفس أثناء النوم قد يكون مؤشرًا لانقطاع النفس الانسدادي. التنفس بصوت مرتفع أو حالات الاختناق المتكررة عند الرضع قد تدل على خلل في الحنجرة. أما تأخر الكلام، فقد يكون علامة على مشاكل في السمع أو النمو.” وتنصح الأهالي: “إذا شعرت أن هناك شيئًا غير طبيعي، لا تنتظر. راجع الطبيب. قرار ‘ننطر ونشوف’ يجب أن يصدر من الطبيب، وليس من الأهل. وإذا استمرت الأعراض لأكثر من عشرة أيام، لا تتردد في الفحص.” وتؤكد أن العادات الصحية البسيطة تصنع فارقًا كبيرًا: التغذية الجيدة، النوم الكافي، الحركة، وتجنّب الأماكن المغلقة المليئة بالفيروسات خصوصًا في مواسم الشتاء والحساسية.

وتختم برسالة مهمة للأهالي: “ثقوا بإحساسكم. لا يوجد سؤال سخيف. إذا كنتم قلقين… اسألوا.”

في عالم يتجه فيه الطب نحو السرعة والعملية، تبقى الدكتورة عبير مثالًا على الطبيب الذي يتمتع بإنسانية حقيقية. تمزج بين مهارة الجراح وإحساس الأم، بين الحزم والحنان. في رعايتها، لا يتنفس الأطفال فقط… بل يطمئن الأهل كذلك. 

لحجز موعد مع الدكتورة عبير العلي، يمكنكم زيارة مستشفى طيبة في صباح السالم، على طريق 30، شارع 3. للاتصال على مدار الساعة: 1808088. ولمزيد من المعلومات، تابعوا حساب المستشفى على إنستغرام @taibahospital  أو زوروا الموقع الإلكتروني  taibahospital.com.

المكتبة الإعلامية الحديثة

23-يونيو-2025

5:29 مساءً

الطبيب خلف الإنجاز الطبي

اقرأ المزيد

16-يونيو-2025

7:24 صباحًا

مشاركة متميزة للدكتورة عبير العلي في المؤتمر الدولي الأول للجمعية الكويتية لطب الأطفال

اقرأ المزيد

16-يونيو-2025

7:18 صباحًا

الدكتور محمد عمران بوشهري يشارك في برنامج تدريبي متقدّم حول الجراحة الموجّهة بالأشعة الصوتية للطرف العلوي في فرنسا

اقرأ المزيد
Prev
Next